حاول "عمر" فتح باب الشقة أكثر من مرةٍ، ولكنه لم يستجيب لمحاولته، فعلى ما يبدو بأنها أغلقته من الداخل وتركت المفتاح عالق بالمقبض مثلما تفعل كالمعتاد، فضغط على الجرس مطولًا، ولكنها لم تجيبه، فالتفت يراقب درج العمارة بحرجٍ من وقفته التي طالت لأكثر من نصف ساعة، لم يمل بها من الطرق، ليجدها تجيبه أخيراً من خلف الباب:
_راجع ليه، كنت خليك عندها يومين تلاتة.
كز على أسنانه بغضبٍ من طريقتها الطفولية، ومع ذلك رد عليها بتعجبٍ:
_هي مين دي!
أتاه صوتها المتعصب وكأنها تعارك شياطين العوالم بأكملهم:
_اللي كنت مقضي ليلتك عندها يا دكتور يا محترم.
صوتها العالي جعله ينتفض بوقفته، وهو يراقب الأبواب الموصدة من جواره، ويتمنى بداخله أن لا يخرج أحداً من الجيران ليجده بذلك الموقف المحرج، وحينما تأكد بأن كل شيء على ما يرام، عاد ليرمي بثقل جسده على الباب ليخبرها بصوته المنخفض:
_ليلة أيه بس، افتحي يا إيمان وبلاش هبل، أنا مش قايلك كنت فين إمبارح!
واسترسل بعتابٍ ظنه سيجعلها تلين:
_يعني عايزاني أتخلى عن غيث في موقف زي ده!
طرقت بيدها على الباب بعدوانية كادت بأن تخلع وجهه المستند على طرفه وهي تصرخ بشراسةٍ:
_بطل كدب بقى أنا كلمت عائشة وخالتو إمبارح وقالولي إنك مجتش من الأساس.
انتصب بوقفته فور أن لمح جاره يصعد للأعلى بصحبة زوجته وأولاده، فما أن رأه "عمر" حتى قال بابتسامةٍ مصطنعة:
_نسيت مفتاحي جوه والمدام نومها تقيل.
منحته المرأة ضحكة صفراء واستكملت طريقها للأعلى، بينما اقترب منه جاره ليقترح عليه:
_ما تتفضل معايا فوق لحد ما الأمور تصفى بينك وبين المدام يا دكتور عمر.
احتقنت عينيه بنظرةٍ جعلت الأخير يهرول للأعلى سريعاً، فطرق الباب بعنفٍ كاد بإسقاطه، وهو يصيح غاضباً:
_إفتحي الباب ده، أصل أكسره فوق دماغك.
جابهته بعنادٍ:
_إكسره ميهنيش.
_بقى كده، ماشي يا إيمان.
وتراجع للخلف ثم اندفع بكل قوته تجاهه،ففتحت الباب سريعاً ليقابل الحائط من أمامه، وإرتد أرضاً من قوة اصطدامه، فمرر يديه على كتفيه الأيسر وهو يئن ألماً، فأغلقت الباب من خلفه ثم وقفت تحدجه بنظرةٍ تشفى وانتصار، نهض "عمر" عن الأرض ليسرع تجاهها وهو يردد بوعيدٍ:
_طب ورحمة أبويا وأبوكي مانا سايبك النهاردة.
يتبع
....... الأربعيني_الأعزب....
❤
إرسال تعليق
شكرا لوجودك معي في المدونه وتعليقك المميز